كشف العلماء بشكل متزايد عن أدلة تشير إلى أن العدوى البكتيرية قد تلعب دورًا في تحفيز النوبات القلبية. ففي حين ارتبطت أمراض القلب والأوعية الدموية منذ وقت طويل بعوامل الخطر التقليدية مثل التدخين، وارتفاع الكوليسترول، والسمنة، وارتفاع ضغط الدم، تشير الدراسات الحديثة إلى أن العدوى—وخاصة تلك التي تنشأ في الفم—قد تسهم أيضًا، وفقًا لتقرير Medical News Today.
أجريت دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الأميركية للقلب، حيث حلل الباحثون لويحات الشرايين لدى مجموعتين: أشخاص توفوا فجأة ومرضى خضعوا لجراحة لإزالة تراكمات تصلب الشرايين. وباستخدام التحاليل الجينية المتقدمة، تمكن الباحثون من تحديد DNA لبكتيريا فموية داخل عينات اللويحات. ومن بين الأنواع الأكثر شيوعًا كانت المكورات العقدية من مجموعة فيريدانز، وهي بكتيريا توجد عادة في الحلق والفم.
واللافت أن هذه البكتيريا يبدو أنها تبقى داخل اللويحات عن طريق تكوين أغشية حيوية (Biofilms)، وهي طبقات لزجة تحميها من الدفاعات المناعية والمضادات الحيوية. لسنوات عديدة، قد تبقى هذه البكتيريا في حالة كامنة دون التسبب بمشكلات ملحوظة. ولكن في ظروف معينة، مثل ضعف جهاز المناعة أو أثناء عدوى أخرى، قد تعاود النشاط، محدثة التهابًا يضعف الغطاء الليفي الذي يغطي اللويحة العصيدية. وإذا تمزق الغطاء، يمكن أن تتكوّن جلطات دموية تعيق تدفق الدم إلى عضلة القلب، ما يؤدي إلى نوبة قلبية.
ومن المهم التأكيد أن هذه الأبحاث لا تشير إلى أن العدوى البكتيرية هي السبب الرئيسي لأمراض القلب. فلا تزال العوامل المرتبطة بنمط الحياة والتمثيل الغذائي هي الأكثر أهمية. ومع ذلك، يمكن أن تعمل العدوى كعامل محفز قوي، يدفع اللويحات الضعيفة إلى الانفجار وحدوث النوبات القلبية المفاجئة لدى الأشخاص المعرضين للخطر.
تشير النتائج أيضًا إلى استراتيجيات وقائية عملية، مثل الحفاظ على نظافة الفم الجيدة للحد من وجود البكتيريا الضارة ومنع دخولها إلى مجرى الدم، ومعالجة العدوى البكتيرية المبكرة سواء في الفم أو في مناطق أخرى لتقليل المخاطر، فضلاً عن اللقاحات التي تقلل من إجمالي العبء العدوى، والتي قد تحمي القلب والأوعية الدموية بشكل غير مباشر.
ومع ذلك، تبقى بعض الأسئلة دون إجابة، إذ أن معظم الأدلة الحالية تأتي من عينات نسيجية بعد الوفاة أو الجراحة، مما يصعب تحديد العلاقة السببية مع مرور الوقت. كما يحتاج الباحثون إلى معرفة أي أنواع البكتيريا أكثر خطورة، وكيف تبقى الأغشية الحيوية في اللويحات، ولماذا يكون بعض الأفراد أكثر عرضة.
رغم هذه الشكوك، فإن العلاقة المتزايدة بين العدوى وخطر النوبة القلبية تؤكد أن صحة القلب تتأثر ليس فقط بأسلوب الحياة، بل أيضًا بتفاعلات الجسم المعقدة مع الميكروبات.
المصدر:info3
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.