إليكم نقاط الشّبه بين "الساحر" وفيلم "البيضة والحجر"، فهل هذا المسلسل نسخة جديدة منه؟!
لَسْنا من هواة مقارنة الأعمال ببعضها البعض ووضْعها في ميزان المُقارَبة والمُفارَقة إلّا أنّ ما نُشاهده اليوم في مسلسل "الساحر" يجعلنا نستذكر الفيلم المصري "البيضة والحجر" حتى يقترب من كوْنه نسخة مستحدثة عنه!
لن ننُاقِش هنا في أداء بطل "الساحر" -الممثل السوري عابد فهد- حيث إعتدنا منه الإحترافية والإتقان في أي شخصية درامية يُقدّمها، ولا شكّ أيضاً في أنّ سائر شخصيات العمل تُقدِّم "الكاريكاتيرات" بشكل مدروس ومنهم: ستيفاني صليبا، رودريغ سليمان، عبد الهادي صباغ، محمد حداقي، وذلك تحت إدارة المخرج عامر فهد الذي إستكمل عمل زميله المخرج محمد لطفي، لصالح الشركة المنتجة "I See Media ".
أما ما يهمّنا هنا فهو مناقشة الفكرة الرئيسية التي يقوم عليها المسلسل المذكور بنص من تأليف سلام الكسيري، سيناريو وحوار حازم سليمان ، فبالرغم من أنّ "الساحر" قدّم قصة وحوار صادق وواقعي مقتبس ممّا نعيشه في الزمن المُعاصر، لكن ما شاهدناه يُعَد فكرة مستهلكة وسَبَق تقديمها في الفيلم المصري "البيضة والحجر" الذي عُرض عام 1990، من بطولة الراحل أحمد زكي وإلى جانبه عدد من الممثلين أمثال: الراحليْن معالي زايد وممدوح الوافي، والفيلم المذكور من تأليف محمود أبو زيد وإخراج علي عبد الخالق.
بعيداً عن العموميّات، نستطيع تِعداد أوْجه الشَّبه والقواسم المشتركة بين "البيضة والحجر" و"الساحر" كي نكون أكثر دقّة ولا نُتَّهَم بأنّنا نَنْتَقِد كالفقاعات في الهواء:
الشخصية الرئيسية
تدور أحداث كل من الفيلم والمسلسل حول شخص بعيد كل البُعد عن أعمال التنجيم والتبصير لكن الظروف تجرفه وراء ذلك بسبب أوهام الناس في محيطه لِحين يتعرّف البطل على أصحاب النفوذ والأثرياء، فَتنقلب حياته رأساً على عقب.
المكان
يسكن بطل "الساحر" (مينا:عابد فهد) في منزل بسيط داخل حي شعبي وجارته "إم العبد" هي بصّارة، أما بطل "البيضة والحجر" (الأستاذ مستطاع:أحمد زكي) فهو يسكن أيضاً في حارة شعبية "فوق السطوح"، ويتوهّم كل سكان محيطه بأعمال الشعوذة والتنجيم.
الهواية
"حب الموسيقى" تُعَد هواية مشتركة بين بطليْ "الساحر" و "البيضة والحجر"، ففي المسلسل نجد البطل يعزف على آلات موسيقية حيث يمتهن التنسيق الموسيقي DJ، بينما في الفيلم وبالرغم من أنّ بطل "البيضة والحجر" هو أستاذ فلسفة وعلم نفس إلا أنّه يهوى العزف على العود.
مشهد "جلسة السيدات"
لعلّ مشهد "جلسة السيدات" يُجسِّد الشبه الأكبر بين العمليْن، ففي الحلقة الحادية عشر من مسلسل "الساحر"، نرى البطل وهو يواجه سيدات المجتمع الراقي بأسرارهنّ ومخاوفهنّ، وذلك بالإتفاق مع كارمن (ستيفاني صليبا) التي وجّهت دعوة للسيدات إلى منزلها، ومدَّت مينا بالمعلومات عنهنّ. هذا المشهد وَرَد في فيلم "البيضة والحجر" حينما يقوم البطل بزيارة السيّدة المرموقة التي دَعت صديقاتها إلى منزلها حيث يكشف لهنّ البطل قلقهنّ من بعض الأمور الشخصية التي عرَفها من خلال وسيط له داخل صالون تصفيف الشعر للسيّدات.
القصة تصلح لأي زمان ومكان
بعد إستعراض النقاط الآنف ذكرها، وبغض النظر عن التشابه بين الفيلم والمسلسل، لا بد من التنويه بأنّه رغم الفارق الزمني بثلاثين عامٍ بين إصدار الفيلم وعرض المسلسل إلّا أنّ قصته تصلح لأي زمان ومكان بسبب معالجتها لقضية شائكة متعلّقة بالإنسان على مرور الأجيال ألا وهي تخوّف المرء من الغيْب، وهذا ما يجعله يلجأ أحياناً للتنجيم والتبصير وما شابه، بالرغم من أنّها مجرّد أوهام لكن الناس يتعلّقون بها كي يتغلّبوا على مخاوفهم من المستقبل المجهول على يد أشخاص يستغلّون ذلك. وهذا ما يرصده الكاتب الراحل محمود أبو زيد وجاء على لسان بطل "البيضة والحجر" الراحل أحمد زكي حين يقول لصديقه في مشهد القطار: "خوف الناس من المستقبل يُسبِّب لهم القلق، والقلق بيخلق الإستعداد لتقبّل الإيحاء وفي ظل الإيحاء الناس بتصدّق أي حاجة عشان كده الناس متعلّقة بالتخاريف"...
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية