ثورة لبنان...مُنافَسة بين الشاشات لِفرض السلطة الرابعة في وجه السلطات الحاكمة!
لا شكّ في أنّ الإعلام بكافة مؤسّساته الإعلامية يُعد سلطة رابعة في وجه السلطات الحكومية الثلاث أي التشريعية، التنفيذية والقضائية. فما هو الدور الذي يلعبه الإعلام اللبناني المحلّي في زمن الإنتفاضة الشعبية اللبنانية؟!
يُستخدم مصطلح السلطة الرابعة لتوصيف مدى أهمية دور الإعلام منذ سنوات بعيدة، والسلطة المعنيّة هي القوة التي تؤثّر في الشعب وتُعادِل، أو تفوق، قوة الحكومة. ولقد بدأ إستخدام هذه العبارة أي السلطة الرابعة في بداية نشوء الأنظمة الديموقراطية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر عندما قال المفكّر الانكليزي الأيرلندي أدموند بروك أمام مجلس البرلماني البريطاني: "ثلاث سلطات تجتمع هنا تحت سقف في البرلمان لكن هناك في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهم منكم جميعاً"، وانتشرت هذه التسمية أيضاً عن طريق المؤرّخ الاسكتلندي توماس كارليل عندما نشر كتابه "الأبطال وعبادة البطل".
بعدها على مر السنوات وبالتزامن مع الأحداث التاريخية التي شهدها العالم خلال القرن التاسع وأبرزها الحربيْن العالميّتيْن الأولى والثانية، أثبت الإعلام دوره البارز في التأثير على الرأي العام بين تصويبه أو تحريفه، مع كيفية تطوّره بين وسائل إعلامية مسموعة حيث كانت الإذاعة هي الأهم في سنوات الحرب العالمية إلى جانب الإعلام المكتوب وتحديداً الصحافة الورقية، ثمّ ظهر دور التلفزيون في زمن العوْلمة التي جعلت العالم أشبه بقرية كونية مفتوحة على بعضها البعض، لحين وصلنا في الألفية الثالثة إلى ما يُعرف بزمن "نيو ميديا" الذي نعيشه راهناً.
بالرغم من كل هذا التطوّر، ما زال الإعلام المرئي والمسموع يُمارس سلطته الرابعة مع منافسة شديدة بينه وبين مواقع التواصل الإجتماعي بعدما بات بإمكان جميع الأفراد الحصول على المعلومات من خلال الإنترنت. ولعل إهتمام الجمهور اللبناني راهناً بوسائل الإعلام المُتلفزة هي الدليل الأبرز على مدى محافظة "التلفزيون" على دوره الهام مع تصويب بوصلة الجمهور نحو التطلّع لِما ينقله له من أحداث، لذلك تحتدم المنافسة بين الشاشات الإخبارية المحلية التي تحرص على "فتح أثيرها" –إن جاز التعبير- طيلة ساعات النهار والليل على حد سواء لنقل الأحداث التي يشهدها الشارع اللبناني في ظل الإنتفاضة الشعبية في جميع المناطق منذ ليل السابع عشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر. وتتمثّل هذه المنافسة بسرعة نقل الخبر من جهة، ومدى مصداقيته من جهة أخرى لكسب ثقة الجمهور اللبناني الذي يفتقد بأغلبه الثقة بالسلطات الثلاث ليؤمِن بِما تنقله له السلطة الرابعة أي الإعلام.
بذلك يبقى الإعلام هو المسؤول أمام الرأي العام لكسب ثقته في زمن الإنتفاضة، بمعنى آخر، نرى اليوم مدى إيمان وثقة الجمهور بالسلطة الرابعة في حين يفتقد هذا الجمهور الثقة بالسلطات الثلاث ...
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية