"النّحّات" أُصيب بِوباء كورونا فَخَرج "عليلاً" عبر الشاشة الفضية!
هذا العام مع الموسم الدرامي الرمضاني فَكَّرنا مَلِيّاً قبل إنتقاد أي مسلسل لأنّنا نُدرك جيداً ما أصابنا جميعاً جرّاء أزمة كورونا، وبالرغم من ذلك لا نستطيع غض النظر عن الإخفاق الذي إرتكبته بعض الأعمال الدرامية خلال هذا الموسم خاصة لِمن هم في صدارة المشهد الدرامي، وهذا ما ينطبق على مسلسل "النّحات" الذي أُصيب بِوباء كورونا حتى خَرج "عليلاً" عبر الشاشة الفضية، فإضطر صنّاعه لِتقسيمه إلى جزئيْن، تابعنا الجزء الأول وتروّيْنا قبل إبداء الرأي كي لا نعطي حكماً مُبرماً عليه لحين إنتهى عرضه.
إنطلقت أحداث مسلسل "النّحات" بين الغموض والتشويق وإستطاع في حلقاته الأولى جذبنا بألغازه، وهو من بطولة الممثل السوري باسل خيّاط، وإلى جانبه عدد من نجوم الدراما العربية أبرزهم: أمل بشوشة، ليا بو شعيا، ندى أبو فرحات، دياموند أبو عبود، كارول عبود، فادي إبراهيم، أليكو داوود، جوزيف بو نصّار، إيلي متري وغيرهم، وهو من تأليف بُثينة عوض، إخراج مجدي السميري وإنتاج I See Media Production. تتمحور قصته حول شخصية يمان (خيّاط) الذي يُقرّر إقامة دورة تدريبية في النحت بإحدى الجامعات، ما يضطرّه لترك والدته والانتقال للعيش في بيت العائلة المُقفل منذ وفاة والده حيث تجتاحه صور من الماضي وذاكرة حياة لا يعرفها تُغيّر مصيره ومسار طريقه.
إعتاد خيّاط خلال السنوات الأخيرة على تقديم المسلسلات التي ترتكز على تيمة الغموض والتشويق البوليسي ما يضمن جذب المُشاهِد وأَسْرِه، إلّا أنّ الحظ لم يُحالِف باسل هذا الموسم، فبعدما كان الممثل باسل خيّاط يُخَدِّر الجمهور العربي بأكمله ويجعله يَشْهَق مع كل مشهد ولقطة في أي عمل يُقدّمه، أتى هذا الموسم بخطوة ناقصة له، إذ عانى "النحات" من المماطلة في الأحداث بعد حلقته الرابعة ما أدّى إلى شعور المُشاهِد بالملل والرتابة.
لا يقع اللّوم على باسل وحْده كوْنه بطل العمل حتى لو كان المسلسل "يُحمَل على أكتافه"، ويُباع على إسمه مثلما يُقال في سوق الدراما والإعلام والإعلان، بل يقع نجاح أو إخفاق أي مسلسل على فريق عمل كامل يُشكّل حلقات متّصلة ببعضها لتكوين دائرة مصنوعة من عناصر درامية عديدة، ورغم إحترامنا لمجهود هذا الفريق الذي عَمل تحت ضغط كبير هذا الموسم إلا أنّه لا بد من وضع إصبع اللوم على المُسَبِّب الرئيسي الذي دفع مسلسل "النّحات" لِخروجه بصورة أقل ممّا كنّا ننتظر ونتوقّع، إذ أنّ السبب يعود للخضوع إلى الغاية التجارية والإلتزام مع القنوات التلفزيونية التي فرضت إنجاز المسلسل في هذه الظروف عوضاً عن إرجائه كي لا يُظلَم ويجبرنا على كتابة ما نكتبه في هذه السطور.
لن نغفل في حديثنا عن التنويه بالأداء التمثيلي للبطل الرئيسي الذي يُقدّم ثلاث شخصيات في هذا المسلسل، فإلى جانب يمان، يُقدّم خيّاط شخصية والده عصمت وشخصية رجل آخر شبيه بوالده ألا وهو عمّه -توأم والده- إسمه رَنْد ويُدعى "الشبح"، وبَرَع خيّاط كعادته في كيفية إعداده لشخصيته التمثيلية لكن في هذا العمل وتحديداً مع شخصية "الشبح"، شَعَرنا وكأنّ باسل نَقَل خشبة المسرح إلى الشاشة الصغيرة حيث أدّى هذه الشخصية بإستعراضٍ مسرحي مُبالغٍ به، ولربّما من وجهة نظره، قد يعتبر باسل أنّ المبالغة في هذا الكاريكتار أمراً مطلوباً.
هذا وناهيْك عن سائر الشخصيات الدرامية في المسلسل المذكور التي جسّدتها بإحترافية أمثال: الفنانة الجزائرية أمل بشوشة بشخصية "نوال الملاحي"، الممثلة ندى أبو فرحات بشخصية سلمى التي تعيش أزمة نفسية، الممثلة دارينا الجندي بشخصية "هيفا" التي تعيش في تخبّط كبير بسبب الماضي الغامض وقلقها على نجلها الوحيد، الممثلة دياموند أبو عبود بشخصية الكاتبة زينة، الممثل إيلي متري بِدور المُحقّق عمر، لكن كنّا ننتظر مساحة أكبر لإبراز موهبة الممثلة الشابة ليا بو شعيا مثلما لم تخدم الحلقات كل الشخصيات لإظهار مهاراتهم التمثيلية التي نُدركها جيداً من تاريخهم الفني. فهل سيُصلِح الجزء الثاني من مسلسل "النحّات" ما أخفق به جزئه الأول؟!
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية